أحالت شرطة أبوظبي والديّ الطفلة التي لقيت حتفها إثر سقوطها من شرفة منزل ذويها إلى النيابة العامة؛ بشبهة تعريض حياة الآخرين للخطر، وفق العميد مكتوم الشريفي، مدير مديرية شرطة العاصمة، الذي قال إن ترك الأبناء بمفردهم في المنزل دون رقابة يشكل خطراً على حياتهم.
وقال إن الشرطة لا يمكنها أن تضع "شرطي" على نافذة كل منزل لضمان سلامة الأطفال، التي هي مسؤولية الأسرة بالدرجة الأولى، مشيراً إلى تكرار ظاهرة سقوط الأطفال رغم التحذيرات المستمرة للأسر بخطورتها عبر وسائل الإعلام، وحثها على رقابتهم وتأمين المساكن على نحو يحول دون ذلك.
ودعا الأسر إلى عدم السماح للأطفال بالجلوس على النوافذ، وعدم تفضيل الأمور الأخرى على رعايتهم بوصف ذلك أولوية لا يجوز التهاون فيها، مضيفاً أن توفير الرعاية الكاملة للنشء من أهم الواجبات التي يحث عليها شرعنا الحنيف وقيمنا النبيلة قبل أي قانون.
وكانت طفلة في الثالثة من عمرها، ومن الجنسية العربية، توفيت إثر سقوطها من شرفة منزل ذويها في الطابق الخامس، من إحدى البنايات في شارع المطار بأبوظبي، بعد أقل من شهر على إنقاذها من السقوط من قبل عناصر الشرطة في حادثة مشابهة.
من جانبه قال المقدم مبارك بن محيروم، مدير إدارة الشرطة المجتمعية بشرطة أبوظبي، إن الإدارة نظمت العديد من البرامج التوعوية الخاصة بحماية الأطفال والعناية بهم، مؤكداً أهمية الدور الوقائي للأب والأم في مراقبة الأبناء ومراقبة تحركاتهم من العبث بالنوافذ أو مفاتيح الكهرباء واسطوانات الغاز، والحرص على الإهتمام بما حول الطفل وعدم ترك الأطفال دون صحبة ثقة، سواء داخل البيت أو خارجه .
ودعا أولياء الأمور إلى إغلاق النوافذ بإحكام من أجل سلامة الأطفال وعدم تركهم في شرفات الشقق السكنية لوحدهم دون رقابة، مطالباً بتطبيق المعايير الكفيلة بتحقق الأمن والسلامة لقاطني البنايات السكنية.
وقال المقدم الدكتور صلاح الغول، مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، إن المبادئ القانونية العامة تفرض على الآباء والأمهات العناية بأطفالهم، وبذل الجهد اللازم لحمايتهم من الأخطار التي لا يدركونها بحكم سنهم؛ وعليه فإن إثبات إهمال الآباء لأبنائهم أو تركهم دون رقابة يوجب مسؤوليتهم عن النتيجة التي لحقت بالطفل، نتيجة عدم قيامهم بواجبهم القانوني تجاه هذا الابن.
وأوضح أن المادة 394 من قانون العقوبات الاتحادي نصت على أنه يُعاقب بالحبس مدة تتراوح بين شهر وسنتين كل من عرض للخطر، سواء بنفسه أو بوساطة غيره، حدثاً لم يتم خمس عشرة سنة أو شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية أو النفسية.
ووفقا للمادة تُشَدد العقوبة لتصبح الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات؛ إذا وقعت الجريمة بطريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خال من الناس، أو وقعت من قبل أحد من أصول المجني عليه، أو من هو مكلف بحفظه أو رعايته.
وحسب القانون أن محكمة الموضوع هي المختصة بتحديد مسؤولية الآباء عن الأذى الذي يلحق بأطفالهم، وفيما إذا كان هناك إهمال من طرفهم وعن توافر علاقة السببية بين النتيجة التي لحقت بالطفل وبين السلوك السلبي للأهل من إهمال أو ترك، ومن ثم تحديد طبيعة الجرم المرتكب والنص القانوني الذي يحكم الواقعة وذلك حسب ملابسات وظروف كل حالة.
وأكد خبيران في شؤون الأسرة والتربية أن رعاية الأسرة للطفل تتنوع بين توفير حاجياته والاهتمام بسلامته ومسؤولية تربية فطرية، إذ يقول الدكتور عبداللطيف العزعزي، خبير شؤون الأسرة، إن دور الأسرة لا ينحصر فقط في توفير المأكل والملبس والتعليم والصحة، فالطفل يحتاج إلى الرعاية والاهتمام مثل حاجته للحب والحنان، مضيفاً أن الرعاية تأخذ مناحي عدة، من ضمنها الاهتمام بسلامة الطفل وأمنه، ويتجسد جزء من هذا الاهتمام بالثقافة الأمنية للطفل، بحيث لا نكتفي بحمايته فقط بل بتعليمه كيف يحافظ على نفسه من المخاطر، على حد تعبيره.
وقال إن الحوادث التي وقعت في الفترة السابقة تؤكد أن حماية الطفل في حدود وجود والديه فقط لا تكفي، ويضيف متسائلاً: فماذا سيحدث إذا غابا عنه؟ لهذا الأمر لابد من منحه القدرة البسيطة لاستيعاب ما قد يحدث له من خطر، وعلينا تثقيفه، فالطفل الذي نراه صغيراً في أعيننا لديه القدرة على تخزين جميع المعلومات،