أوراق قانونية
المسؤولية الجنائية للشرطي
المهمل في التبليغ عن الجرائم
الدكتور أحمد عبد الظاهر
المستشار القانوني في وزارة الداخلية
تنص المادة (272) من قانون العقوبات الاتحادي على أن "يعاقب بالحبس أو الغرامة، كل موظف عام مكلف بالبحث عن الجرائم، أو ضبطها، أهمل، أرجأ، الإخبار عن جريمة اتصلت بعلمه"· وتنص الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أن " يعاقب بالغرامة كل موظف غير مكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها، أهمل أو أرجأ إبلاغ السلطة المختصة بجريمة علم بها في أثناء أو بسبب تأديته وظيفته"·
وتقرر الفقرة الثالثة من المادة ذاتها أن "لا عقاب إذا كان رفع الدعوى في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرتين السابقتين معلقاً على شكوى"· وتجيز الفقرة الرابعة والأخيرة من هذه المادة "الإعفاء من العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة إذا كان الموظف زوجاً لمرتكب الجريمة، أو من أصوله أو فروعه أو إخوته، أو أخواته، أو ممن هم في منزلة هؤلاء من الأقرباء بحكم المصاهرة<·
ويستفاد من عبارات المادة المذكورة أن المشرِّع الاتحادي الإماراتي يجرِّم فعل الموظف العام المكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها الذي يهمل أو يرجىء الإخبار عن جريمة اتصلت بعلمه· وينطبق وصف "الموظف العام المكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها"، على مأموري الضبط القضائي العامين والخاصين، كما ينطبق على الموظفين العموميين الذين يعملون كمرشدين سريين·وغني عن البيان أن ضباط الشرطة وصف ضباطها وأفرادها، هم من مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم، حسب المادة 33 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي·
ويقع الموظف العام المكلف بالبحث عن الجرائم أو ضبطها تحت طائلة العقاب، متى أهمل أو أرجأ الإخبار عن جريمة اتصلت بعلمه·ويعني ذلك كأن توافر النموذج القانوني للجريمة التي نحن بصددها يتطلب توافر ركنين: أحدهما مادي، والآخر معنوي·
الركن المادي
عبر المشرِّع عن الركن المادي لهذه الجريمة بقوله: "أهمل أو أرجأ الإخبار عن جريمة اتصلت بعلمه". ويعني ذلك أن السلوك الإجرامي في هذه الجريمة هو محض سلوك سلبي، أي امتناع مُنْصَبّ على موضوع معين· ويأخذ هذا السلوك إحدى صورتين: 1- الإهمال، ويقصد به عدم اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق التبليغ عن الجريمة·
2- الإرجاء، ويقصد به التأجيل أو الانتظار فترة من الزمن قبل القيام بإخطار السلطات المختصة· ولم يحدد المشرِّع مدة معينة يجب أن يتحقق الإبلاغ خلالها، وإلا اعتبر الشخص مرتكباً لهذه الجريمة· وحسناً فعل المشرِّع في هذا الشأن، إذ أن هذه المدة تختلف باختلاف الظروف والأحوال، ويعد تحديد هذه المدة من الأمور الموضوعية التي يختص بتقديرها قاضي الموضوع·
ولم يستلزم المشرِّع حدوث الجريمة، فيستوي إذاً أن تكون قد ارتكبت فعلاً، أو أنها في سبيلها للوقوع· وعلى الرغم من ذلك، فإن بعض الفقه يذهب إلى أن سياق عبارات النص، وخاصة الفقرة الثالثة، يستلزم ضرورة ارتكاب الجريمة فعلاً·ويستند هذا الرأي كذلك، إلى أن لفظ "الجريمة" يعني الجريمة التي توافرت أركانها، أما الأفكار والنيات أو الأعمال التحضيرية فإنها لا تعد جريمة· وترتيباً على ذلك، يؤكد صاحب هذا الرأي أنه إذا علم الموظف بوجود نية لارتكاب جريمة ولم يقم بالإبلاغ عنها، فإن جريمة الإهمال في التبلي