الافتتاحية : القانون فوق الجميع حقاً

كثيرة هي الأشياء التي يمكن للدولة أن تفخر بها بحق، وتزهو بها أمام الآخرين·
 ومن ذلك العدل والمساواة بين الناس أمام القانون وهي نعمة نرفل في ظلالها منذ زمن ما قبل قيام الدولة، وازدهرت بعد ذلك· فقد عرفت هذه البلاد نظام الشورى وتكاتف الجميع، والمساواة بينهم والحفاظ على سلامتهم وكرامتهم جميعاً، وهو عُرف وقانون غير مكتوب، تعودت القبائل أن تلتزم به أشد الالتزام· فالظلم مرتعه وخيم، كما تقول الحقيقة الاجتماعية - السياسية، وهو السبيل إلى الفساد والانهيار، والعياذ بالله·
 وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حريصاً كل الحرص على تطبيق مبدأ العدالة في التعامل مع الرعية، ومع المقيمين، لأنه يدرك تماماً أن العدل هو أساس الحكم· ولهذا كانت هذه البلاد واحة للأمن والاستقرار منذ أن نشأت· وظل التجانس والانسجام قائمين في كافة مرافقها ودوائرها، وفي علاقة الحاكم بالشعب·
وقد استندت إلى تلك الحقيقة أيضاً، رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة >حفظه الله<، والتي تؤكد أن سلطة القانون في الدولة لايُعلى عليها، وأن الإمارات وقيادة هذه البلاد سوف تمضي قدماً في السعي نحو وجود القضاء العادل والمستقل والحيادي، والذي يؤدي رسالته بكل إخلاص ونزاهة، بعيداً عن أي مؤثرات واعتبارات، سوى القانون وحده·
 وقد أشارت رؤية سموه إلى أن النظام القادر على تطبيق العدالة وإحقاق الحق بفاعلية وترسيخ مبادئ الإنصاف والمساواة، ينطلق من مبادئ الشريعة السمحاء، وأن غياب مثل هذا النظام يؤدي إلى خلل في الموازين وفساد اجتماعي خطر· وكانت هذه القناعة حاضرة دائماً، وتجلَّت في قرار صاحب السمو رئيس الدولة بشأن إعادة تنظيم دائرة القضاء في إمارة أبوظبي، والحرص على التنسيق بين الهيئات القضائية في الدولة· ومن شأن هذا القانون أن ينظم العمل القضائي في الإمارة، ويضمن للسلطة القضائية وأعضائها مكانة رفيعة المستوى، تليق بقداسة العدالة·
 وتجسد هذا السياق كذلك، في الخطوة التي بادر إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عندما حضر بنفسه جانباً من ورش العمل التي عقدت خلال الملتقى الأول لرؤساء المحاكم في الدولة· فقد أبدى سموه دعماً كبيراً وتشجيعاً لعقد هذه اللقاءات بين أوساط المجتمع القضائي والقانوني، من أجل تعزيز التنسيق والتواصل الذي يساعد على دعم وتفعيل سلطة القضاء وبلورة مفاهيمه وتوسيع نطاق القبول بها·
 وانسجاماً مع هذا التوجه، فقد أصدر سموه أمراً بتشكيل مجلس على مستوى الدولة تدخل ضمن صلاحياته متابعة أداء العمل القضائي في المحاكم، وتطوير هذا الأداء عبر إنفاذ عناصر الاستراتيجية المتعلقة بسلك القضاء، والتي اعتمدها مجلس الوزراء· وقد أعاد سموه التأكيد على اقتناع قيادة هذه البلاد بضرورة الحفاظ على نزاهة القضاء، وتمكينه من أداء رسالته بكل شفافية واستقلال، إرساء لمفهوم العدالة الشاملة ومبدأ سيادة القانون·
 إن دولة هذا نهجها، حيث العدل نبراسها، هي دولة مؤهلة لأن تنعم دائماً بإذن الله، بالاستقرار والأمان، والحفاظ على حقوق وكرامة الإنسان·
وهذا هو الهدف والمراد·
X
تساعدنا ملفات تعريف الارتباط في تحسين تجربة موقع الويب الخاص بك. باستخدام موقعنا، أنت توافق على اسخدامنا لملفات تعريف الارتباط.