ليست مجرد أحلام
"الإنسان أغلى ما نملك"... جملة من ثلاث كلمات قالها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولخّص بها المكوّن الحقيقي لأي عملية تنمية، ثم تحدث بعد ذلك عن تسخير الثروة وكافة الإمكانات من أجل رفاهية المجتمع، وفعل مثلما قال·
وأكد على هذه الحقيقة أيضاً، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" في مضمون تقديمه أجندة السياسة العامة لحكومة أبوظبي، حيث أوضح أن الثروة الحقيقية لهذه الدولة، هي المواطن الذي يجسد عملياً إيمانه بمبدأ المواطنة والانتماء.
وإذا ما رجعنا إلى أعوام قليلة مضت لمقارنتها بالواقع الحالي. فسوف نجد مجتمعاً يفتقر إلى مقومات الحياة تقريباً، مقابل مجتمع رفاه يتوفر له كل شيء تقريباً· ويسري ذلك على كافة جوانب الحياة الإنسانية، بدءاً من المأكل والمسكن، مروراً بالعلاج والعمل والخدمات والتعليم، والمستقبل المبشر· وقد أظهر تقرير حديث لإحدى دور استشارات الاستثمار أن متوسط الدخل الفردي في إمارة أبوظبي بلغ العام الماضي 63 ألف دولار، وهو الثالث عالمياً، وأن متوسط نمو الناتج المحلي الرسمي غير النفطي بلغ 14% قياساً بنسبة تضخم بلغت 4%، وهو إنجاز كبير بالمقاييس الاقتصادية العالمية، وإذا كانت العائدات الهيدروكربونية "النفطية" لا تزال تحتل نسبة لا يستهان بها من إجمالي دخل الإمارة، فإن التقرير ذاته يشير إلى أن أبوظبي تسعى إلى تعديل هذه المشاركة من خلال تفعيل أنشطة القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمارات الخارجية.
وحين تحدث صاحب السمو رئيس الدولة عن الأركان الضرورية للوصول إلى نهج التنمية المستدامة، فقد أكد أن الهدف هو إيجاد اقتصاد محلي منافس عالمياً، مع المحافظة على مناخ الاستقرار الآمن الذي طالما نعمت به البلاد، وأكد سموه في الوقت ذاته، أن إمارة أبوظبي ماضية في القيام بالدور الذي تضطلع له كطرف مركزي في دعم الدولة الاتحادية· فأبوظبي التي تحتضن عاصمة الدولة كانت رائدة في العمل الدؤوب من أجل قيام دولة الاتحاد منذ ما قبل الاستقلال، وقدمت في سبيلها بعد ذلك الكثير من الإمكانات، دون أن تضع هذه المساهمة الفعالة خارج نطاق الواجب الوطني· فهي تدرك أن قوة أي إمارة في الدولة، تنبع من كونها عضواً في هذه الدولة، وأن الدولة الاتحادية ضرورة وطنية وليست عبئاً.
ويمثل الجانب الأمني عنصراً أساسياً في اهتمامات القيادة، لأن الاستقرار والسلام الاجتماعي هما الركيزة المسبقة للبدء في عملية التنمية· وتوضح المقولة الشهيرة أن رأس المال "جبان"، وأنه لابد من توفر الأمان، لكي نبعد المخاوف من نفوس الآخرين، ونشجع الاستثمارات على التدفق إلى بلادنا، ناهيك عن عدم إيجاد مبررات لهجرة رأس المال الوطني· وقد كان مجتمع الإمارات مجتمعاً بسيطاً قبل الثروة، وتعززت مناخات الأمن فيه بعد الثروة، وتعايش على أرضه بسلام مئات آلاف البشر من الوافدين من عشرات الجنسيات والثقافات الأخرى، إلى جانب أبناء الدولة.
وقد رصدت الدولة إمكاناتها لتحقيق الأمن الذي نراه أكثر مما نرى من ينجزونه لنا، وذلك عبر الكفاءة العالية في استخدام المفردات التقنية والخبرات العلمية والتدريبية، التي تتيح لأجهزة الأمن القيام بواجباتها على أفضل وجه، دون أن تتدخل مباشرة في مجريات الحياة اليومية للأفراد· فالإمارات ليست مجتمع جريمة والحمد لله، بل هي مجتمع ثروة تستخدم لرفاهية وتطوّر أبنائها والمقيمين فيها، وهي أيضاً مجتمع يُقْبل أبناؤه على العمل لتوفر الحوافز، ولهذا فإن الثقة عالية بأن المستقبل واعد بالأمان الوفير، والخير الكثير بإذن الله·
لهذا أيضاً فإن الحديث عن طموح حكومة أبوظبي بأن تصل بمستوى خدماتها إلى قائمة أفضل خمس حكومات في العالم، ليس مجرد حلم، بل طموح لديه ما يجعله منطقياً.
والدليل بسيط.. لننظر كيف و