الافتتاحية : التعديل الوزاري ··رؤية استشرافية
إن قراءة تتسم بالشفافية والصدقية لمسوغات وأهداف التعديل الوزاري الجديد، الذي باركه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، وأقره ورسمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لا بد أن تكشف لنا عمق الرؤية الاستشرافية التي تتمتع بها قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي أخذت على عاتقها أن تنحو بالإمارات دائما نحو مراتب التقدم والتطور والحضارة·· ولم تعد ترضى بأقل من المراتب الأولى في محاور التنمية الشاملة كافة·
لقد أحدثت الإمارات منذ نشوئها وتاريخها الحديث ثورة فكرية أشبه بمعجزة، أطاحت بكل المعايير الزمنية والتدرجات التنموية التي تؤمن بالمرحلية، حيث اختصرت بفضل سياسة قيادتها الحكيمة وعزمها وإيمانها، العديد من المراحل وقفزت فوق المعتاد، لتصل في غضون أقل من أربعة عقود إلى مصاف الدول الأكثر تقدماً وحداثة وحضارية على مستوى العالم، وهذا ما يعطي للتغيير الوزاري بعده التنموي المطلوب في زمن النهضة الكبيرة التي تعيشها الإمارات، بمعنى آخر إن الإمارات وضعت نفسها في سباق مع الزمن، وهي عازمة بكل اقتدار وجدارة على الفوز بجميع أشواطه·
إن القرار الصائب لحكومة الإمارات بالتعديل الوزاري الجديد، أكد من ضمن معانيه أن لا ثوابت تتمتع بالحصانة، ما دامت مبادئ التقييم الشفاف والخضوع لمعايير النجاح والتميز ومقاييس الأداء المحايدة والشفافة هي السائدة، وهي الحكم الذي يعطي للأشياء مراتبها كما تشير بدلالات قاطعة، إلى أن مصلحة الوطن تقتضي دائما ضخ الدماء الجديدة المفعمة بالحيوية، وفي الوقت نفسه تحفظ بكل الحب والعرفان لكل ذي جهد جهده وعرقه الذي بذله لتحقيق أهداف الوطن العامة·
إن إقرار تعديل وزاري على حكومة لم تكمل العامين من عمرها وفي أكثر مفاصلها ووزاراتها أهمية، تنطوي على إصرار واضح للحكومة للالتزام بالاستراتيجية الاتحادية الهادفة إلى تحقيق معدلات تنموية شاملة، تتجاوز بكثير مراحل التميز إلى آفاق الجودة التامة والتفرد العالمي على كافة محاور التنمية الاتحادية، وترسخ قواعد جديدة للعمل الحكومي، تبرز من خلاله الطاقات الوطنية من خلال أدوارها وتفعيلها لمهامها وابتكار الحلول والإبداع في مواجهة استحقاقات التنمية الشاملة·
لقد أفرز التعديل الوزاري الجديد، وبكل وضوح إشارات محددة سيكون لها شأن كبير في تفعيل وتحريض طاقات المرأة المواطنة، لتقف جنباً إلى جنب مع الرجل لبناء وطن يؤمن بكل شرائح مجتمعه ·· أفراداً منتجين مبدعين في كافة مرافق الحياة وقطاعات الإنتاج، لا سيما على المستوى القيادي والوزاري بالتحديد، وخير دليل على ذلك احتواء التعديل الجديد على عناصر نسائية جديدة، أضافت إلى قائمة الشرف النسائية وجوهاً جديدة وواعدة بمستقبل ودور أكثر فاعلية وعطاء للمرأة في هيكل حكومتنا الاتحادية، بما يتسق مع السياسة الحكيمة للدولة التي أولت المرأة منذ عهد النهوض والنشأة الأولى للدولة دورها وحصانتها وقيمتها الفاعلة والمتفاعلة مع قضايا مجتمعها، وقد جاء الوقت الذي تثمر فيه هذه السياسة عن إجراءات حقيقية وسياسات على أرض الواقع، تحجز للمرأة مكانها في صفوف العطاء الأولى، مساهمة في دفع عجلة التطور والنهوض قدماً·
إن أرقى ما يستشف من دلالات التعديل الوزاري، واستحداث وزارات دولة جديدة، يتجلى في أن النهج العام لحكومة الإمارات، إنما يؤمن بأن الوطن ومصلحته العليا هما الثابت والمقدس الوحيد، وأن أدوارنا تتغير ومواقعنا تتبدل، وكل ذلك ضمن استراتيجية وطنية تهدف في المقام الأول لإيجاد حياة أفضل للمواطنين، ولكل من يقيم على هذه الأرض الطيبة، وليرسم مستقبلاً أكثر إشراقاً وتطوراً ونماءً·