الافتتاحية : الإخفاق النسائي..."لا بأس مرحلياً"
أكدت الخطوة المباركة التي شهدت دولتنا تطبيقها على أرض الواقع، بانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، على مدى سمو الوعي الذي يتمتع به أبناء هذه البلاد، وأثبتت عملياً أنهم أهل للثقة الغالية، حيث كانوا عند حسن ظن صاحب هذه المبادرة الرائدة، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" .
فقد سارت الحملة الانتخابية وفق المعايير الراقية، والملتزمة بتقاليد وأخلاقيات شعب الإمارات ولم تشهد ما نعهده عادة، في الانتخابات التي تجري في العديد من الدول، وتتخذ أسلوب التشهير وتهجم المرشحين بعضهم على بعض، وكان محورها الأساسي هو الوطن واستقراره وازدهاره ومواطنه. كما أجريت الانتخابات ذاتها بسلاسة وشفافية، شهد لها المرشحون أنفسه، من فاز ومن لم يحالفه الحظ، ولمسها المواطنون جميعاً، وغيرهم ممن تابعوا هذه الانتخابات من داخل وخارج الدولة.
وإذا كان الحظ لم يحالف سوى مرشحة واحدة، فإن تمكين المرأة الإماراتية من المشاركة في الترشيح والانتخابات منذ بدء تطبيق هذه التجربة الديموقراطية، هو ذاته شهادة للإمارات وقيادتها وأهلها. فقد كان لهذه البلاد شرف الريادة في إتاحة جميع الفرص سواسية للجنسين في مجالات التعليم والتدريب والرعاية الصحية والعمل والارتقاء الوظيفي، وفي مجال المشروعات والأعمال التجارية والمهنية، وكان لها أيضاً شرف المساواة بينهما في خوض العملية الديموقراطية.
ومن الوارد أن تكون بعض من التقاليد الاجتماعية القديمة، التي لا يزال لها وجود في المجتمع، قد أسهمت في جعل طريق فوز النساء أكثر وعورة. فقد يتمسك الرجل بما تعود أن يحظى به من مميزات على الصعيد الاجتماعي، ويحرص لذلك على التشبث بما يملك، ويقاوم مزاحمة النساء له في امتيازاته. وقد يعتبر البعض أن الديموقراطية هي نوع من السياسة، وأن السياسة ليست للنساء. وليس مستبعداً أن تكون مثل هذه الانطباعات موجودة لدى النساء أيضاً، لكن بمستويات متفاوتة من القناعة أو التردد.
لكن شبه غياب المرأة عن مقاعد المجلس الوطني الاتحادي لا يعني تغييبها عن ساحة العمل الوطني، لأنها موجودة في قلب هذه الساحة، ولن يتفرد "الرجل البرلماني" بالقرارات والمطالب ويصوغها لمصلحته وحده. فهو لم يفعل ذلك في الدورات والتشكيلات السابقة، ولا يعتبر المرأة خصماً، ولا يفكر في هضم حقوقها. كما أن القيادة الرشيدة حريصة على أن تأخذ المرأة دورها وتنال ما تستحقه، إلى جانب الرجل، وعلى قدم المساواة.
ويقيننا أن المرأة الإماراتية ستكون موجودة بحضور أكبر في المجلس الوطني الاتحادي في المستقبل القريب. فعزاؤها مرحلياً هو أنها لم تحرم من المشاركة في الترشيح والانتخاب، ولم تستبعد من العملية الديموقراطية، وهو ما يؤكد أن الأبواب مفتوحة أمامها، وما عليها سوى المثابرة والاجتهاد لإثبات جدارتها التي لا نشكك في وجودها ورفعة مستواها.
والمتوقع في أي حال من المجلس الوطني الاتحادي في دورته الجديدة ودوراته اللاحقة، أن يكون دائماً لسان وضمير وقلب وطموحات الجميع، كما عهدته القيادة الرشيدة وشعب هذه الدولة. وهو من الآن، يتمتع بصفة تمثيلية جديدة، عليه أن يدرك معانيها ومترتباتها.
ولأخواتنا الكريمات نقول: حظاً أوفر في الجولات الانتخابية القادمة.