شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صباح اليوم (الثلاثاء)، أعمال القمة العالمية للتخطيط الاستراتيجي؛ تحت شعار «قيادات استراتيجية للمستقبل»، بمشاركة نخبة من قادة الرأي المعاصرين، ومجموعة من الخبراء الاستراتيجيين العاملين في الجهات الحكومية والمؤسسية، بتنظيم من وزارة الداخلية، وبالتعاون مع جمعية التخطيط الاستراتيجي الامريكية، والمنبر العالمي للتنمية «مؤسسة ذا ورلد ديفيلوبمنت فورم»، وذلك في فندق سانت ريجيس بجزيرة السعديات بأبوظبي.
وافتتح الفريق سيف عبدالله الشعفار، وكيل وزارة الداخلية أعمال القمة، بكلمة رحب فيها بضيوف الدولة في بلدهم الثاني الإمارات التي تستضيف أعمال الدورة الاولى للقمة، بالشراكة مع جمعية التخطيط الاستراتيجي الأمريكية.
كما رحب بهذه الكوكبة من المفكرين والخبراء ورواد التخطيط الاستراتيجي على مستوى العالم لتبادل الخبرات، والإطلاع على أفضل الممارسات العالمية، ومناقشة التحديات في مجال التخطيط الاستراتيجي.
وقال إنّ استضافة الدولة لهذه القمة تعد فرصة حقيقية للاستمرار في تعزيز التعاون البناء والارتقاء بمنظومة التخطيط الإستراتيجي لمواكبة المستجدات العلمية، وتعزيز العمل الشرطي وتزويده بكافة الإمكانيات للمحافظة على مظلة الأمن والاستقرار التي تنعم بها دولتنا؛ في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله" ، حيث وضعت وزارة الداخلية مبدأ الأمن والأمان ضمن استراتيجيتها، وجعلت تحقيقه هدفا سامياً من أهدافها من أجل نمو ورفاهية المجتمع.
وأضاف إن التخطيط الاستراتيجي في دولة الامارات ترسخت ابعاده وصوره بفضل توجيهات قيادتنا العليا التي كانت لها رؤية واضحة ومتماسكة للتخطيط الاستراتيجي؛ ونظرة مستقبلية ثاقبة استهدفت الإنسان باعتباره أساسا ومحورا للتنمية، والعمل على تطوير قدراته وامكانياته من خلال توفير كافة اشكال مقومات الأمن والاستقرار، عبر ترسيخ قيم المعرفة والتعلم وبناء أسس متينة حتى أصبحت لدينا الخطط الاستراتيجية للجهات الاتحادية والمحلية، من حيث الرؤية والاهداف، وذلك للوصول إلى النجاح المنشود لتحقيق رؤية الإمارات 2021.
وأكد إن تبني الفكر الاستراتيجي يعد أساساً قويا لتمكين الدول والمؤسسات من تحقيق ما تتطلع إليه من أهداف ونجاحات، لان الفكر الاستراتيجي هو المحرك الأساسي وراء نجاح أي مؤسسة وضمان استمراريتها في تحقيق الأهداف التي تنشدها.
وأكد أن القيادة، وفق رؤية واضحة المعالم تتسم بالتخطيط المدروس، كفيلة بأن تحقق المزيد من النجاح والتقدم وفق رؤى وخطط محددة، وبواسطة التفكير والتخطيط الاستراتيجي وصلت كثير من الدول إلى مصاف الدول المتقدمة؛ وحققت الرخاء والرفاهية لشعوبها، والامارات ادركت هذا الامر منذ تأسيسها وسعت بكل جدية وإخلاص وتفان لتحقيق ذلك للوطن والمواطن، من خلال تلك الرؤية الوطنية.
وفي ختام كلمته أعرب عن ثقته بما سينتج عن هذه القمة من نتائج وتوصيات ستكون موضع تقدير واحترام، أملاً أن تحقق هذه القمة التطلعات التي نصبو إليها جميعاً، وتوجه بالشكر للقائمين على تنظيمها وكافة المشاركين فيها راجيا لهم التوفيق والسداد.
وكانت فعاليات أعمال القمة قد بدأت بالنشيد الوطني، ثم شاهد الحضور فيلما وثائقياً بعنوا ن "الاستراتيجية والقيادة لمستقبل أفضل"، استعرض أهم المراحل والتطورات في الادارة الاستراتيجية والاتجاهات الحديثة لقيادة المستقبل مركزا على أهداف القمة، المتمثلة بتأسيس منصة عالمية للإستراتيجية والقيادة والابتكار، تسهم في بناء القيادات على المستويين الحكومي وقطاع الأعمال. كما عرض الفيلم جانبا من مجهودات وزارة الداخلية الإماراتية عبر إداراتها المتخصصة، مبرزاً المحطات والمنجزات التي قامت بها الإمارات ما جعل منها رائدة في هذا المجال .
وأكدت معالي الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي؛ رئيسة اللجنة الإماراتية لتنسيق المساعدات الإنسانية الخارجية، في كلمة لها، أن توجيهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات أسهمت في تعزيز جاهزية مؤسسات الدولة وتعاونها المشترك مع كافة دول العالم والمؤسسات الإنسانية الدولية؛ للاستجابة العاجلة للتداعيات الناجمة عن الأزمات الانسانية والكوارث الطبيعية في مختلف مناطق العالم.
وقالت "إن القمة الإستراتيجية العالمية، تهدف إلى بناء القادة الاستراتيجيين من أجل غد أفضل، وبالنظر إلى الرؤية طويلة الأجل لقادتنا في دولة الإمارات العربية المتحدة وتسارع وتيرة التنمية في دولتنا، لافته إلى أن رأس المال البشري فقط هو من بنى هذا البلد، وهو أيضا العنصر اللازم لمساعينا حتى تزدهر، موضحة أن رأس المال البشري الذي سمح لدولة الإمارات العربية المتحدة في النمو بمعدلات غير مسبوقة من قبل، يعزز القدرة على التفكير بشكل مبتكر.
وأضافت: "إنني أرى كل يوم أن الناس هم العنصر الأساس في كل ما يحدث من تقدم، وإن تركيز مهمتنا على الناس الذين نعمل معهم ودعمهم في جميع أنحاء العالم يعطينا منصة غير مسبوقة للنمو، والجمع بين هذا النهج الذي يركز على الإنسان وثقافتنا من العطاء وقيمة القيادة الاستراتيجية تعادل صيغة دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق النجاح".
وتابعت: "من الأهمية بمكان ضمان أن تكون استراتيجياتنا شاملة في التصميم، وقادرة على التكيف مع التغيير، والثبات في الرؤية. ويحدونني الأمل في أن هذه القمة سوف تسمح لنا بالتعلم، والتفاعل، والتحدي وتطبيق موضوعات النقاش التي ستطرح في هذه القمة، خلال الأيام القليلة المقبلة من قبل السلطات الرائدة في العالم "على الاستراتيجية والقيادة والابتكار".
وتابعت "باعتباري وزيرة التنمية والتعاون الدولي، فإنه من واجبي ضمان أن صيغة نجاح الإمارات يتم تطبيقها على المساعدات الخارجية أيضا، لذا، سأعمل جاهدة لتعميم أفكار جديدة ومبتكرة في التخطيط الاستراتيجي من أجل المساعدة الخارجية الإماراتية، وسوف استعرض النظرة الاستراتيجية للأعمال الخيرية.
وأضافت "أن المساعدات الخارجية الإماراتية بدأت قبل أربعة عقود مع روح الإماراتي العطاء التي تعم جميع مستويات المجتمع الإماراتي. إذا كان هذا العطاء السخي يأتي من الأفراد أو العمل التطوعي الجماعي وأهمية رد الجميل للمجتمع، على المستويين المحلي والعالمي".
وأشارت إلى أنه منذ تأسيس دولة الإمارات في عام 1971، والقيادة الرشيدة تشارك لدعم المجتمعات المحتاجة، وان هذه المساعدات الإماراتية الخارجية متجذرة في العقيدة الإسلامية والتقاليد العربية، لافتة إلى أن الدولة تلعب دورا في إطار رؤية طويلة الأجل لتحسين الاستقرار والأمن والتنمية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط والعالم.
واستعرضت جهود الدولة خلال العامين الماضيين في العمل الإنساني، مؤكدة ان دولة الامارات حققت المرتبة بوصفها أكبر المانحين في مجال المساعدة الإنمائية الرسمية كنسبة من الدخل القومي الإجمالي، حيث بلغ حجم المساعدات الخارجية أكثر من 21.6 مليار درهم في جميع أنحاء العالم في عام 2013 ، تدفقات المعونة لدينا من 45 منظمة إلى 140 دولة وملايين من الناس.
من جانبه أشاد الخبير الاستراتيجي البروفسور غاري هامل بالانجازات التي حققتها دولة الامارات العربية المتحدة في تسخير القدرات البشرية، والاستفادة منها مما مكنها من تحقيق تطور ملفت في مجال البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، خلال فترة قصيرة تفوقت من خلالها على الكثير من الدول المتقدمة في العالم ، وذلك بسبب تملكها لرؤى بعيدة الأمد الى جانب معرفة استراتيجية في منهجية عملها.
وتحدث حول الميزة التنافسية المطلقة من خلال نظريته حول "تحقيق أفضلية تنافسية" موضحاً، كيف يمكن للمؤسسات الحكومية وقطاع الأعمال الاستفادة من هذا النموذج لتحقيق أهدافها وتعزيز قدراتها التنافسية.
وقال هاميل: "تواجه المؤسسات حالياً تحدياً جديداً خارج إطار الأداء أو النظم الإدارية التقليدية شديدة الصلة بالبيروقراطية. وتعمل التغيرات المتسارعة والتطورات التكنولوجية الهائلة ووسائل التجارة الإلكترونية والعولمة على إحداث تغييرات بارزة في هيكلية ومنهجية الإدارة التقليدية الخاصة بنا."
واضاف انه "لمواكبة هذه البيئة الاقتصادية سريعة النمو، يتحتم على المؤسسات تحقيق أفضلية قابلة للنمو وقادرة على التغير بسرعة تضاهي التغيير ذاته. وستتمكن المؤسسات بفضل حظوة هذه الأفضلية من الحصول على عدد أكبر من الفرص الاعتيادية، وأخذ زمام المبادرة لإعادة تعريف توقعات العملاء، وتفادي الصدمات غير المتوقعة بخصوص الايرادات لتتمتع بقدر كبير من المرونة، وتكون قادرة على التغيير قبل أن تقتضي الحاجة القيام بذلك، ولتتمكن في خاتمة المطاف من الاستثمار في المستقبل بنحو أفضل. ولبناء مؤسسات قادرة على التكيف مع التغيرات على نطاق واسع، ثمة حاجة إلى تضمين مجموعة جديدة من المبادئ في أنظمة الإدارة ."
وقدم هاميل خطوطا عريضة لخارطة طريق لتطوير المؤسسات لتواكب متطلبات المستقبل.
من جانبه اعتبر نائب رئيس جمعية التخطيط الاستراتيجي جيمس ستوكمال القمة الاستراتيجية العالمية منصة فريدة لقادة الأعمال والمسؤولين الحكوميين، لاستشراف الأفكار واكتساب الخبرات والتجارب التي يعرضها عدد من أشهر الخبراء العالميين؛ بما يسهم في تطوير الأداء والارتقاء بالمزايا التنافسية، مثمناً اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة وجهودها في تنظيم القمة بما يعزز من جهود التعاون الدولي.
وقدم الدكتور توم بيترز المفكر العالمي الأمريكي عرضاً بعنوان نظرة تخيلية على التميز في الأعمال في عصر مليء بالتقلبات، أوضح فيه دور الأفراد والموظفين في تحقيق الريادة والتميز والابداع وإشراكهم في إحداث نقلة نوعية في استراتيجية العمل لتحقيق النتائج التي يطمح رؤساء الشركات الوصول إليها، ففي عالم الاعمال لا تحصل الربحية من أول مرة.
وقال إن هناك 10 ملايين شخص سيواجهون المخاطر في العالم و 35% من الوظائف ستواجه هي الاخرى كوراث في المستقبل، إذ يتعين التفكير في تشريعات تترجم الرفاهية لأبناء الامارات والعالم بأسره، ولابد من فكرة قائد لديه مسؤولية أخلاقية ومسؤوليته اتجاه من يعمل تحت رئاسته، لأن ذلك كفيل في تحقيق الارباح وأما العمل المؤقت فلا طائل من ورائه.
وناقشت القمة اليوم أوراق عمل تطبيقية وجلسات وبرامج لتقييم ودراسة قدرات القيادة للمشاركين حول الاستراتيجية، ضمن أربعة محاور هي: القيادة، والابتكار، والتخطيط، والتنفيذ. كما عرضت المسائل التطبيقية والواقعية في التخطيط بالسيناريوهات والتطبيق الاستراتيجي .
وقدمت عهود الرومي، مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء ، ورقة عمل حول الرؤية واستشراف المستقبل في دولة الامارات ، حيث تحققت رؤية القادة المؤسسين في عناصر مهمة هي الرؤية واستشراف المستقبل والعزيمة والتنفيذ، لافته إلى ان الامارات بدأت برؤية عصرية تجسدت في اربعة عناصر هي الانسان وتسلحه بالقيم الانسانية والصلات الاجتماعية والود والتسامح والهوية الإماراتية.
وأكدت على ضرورة السير على نهج وخطى المؤسسين وتحقيق مبدأ العدالة والانصاف، حيث ان الامارات حققت ذلك بصورة واضحة ، قائلة اننا نسعى لتحقيق رؤية 2021 لإبراز مواهب اماراتية قائمة على الابتكار والاقتصاد المعرفي من اجل تحقيق اقتصاد عالمي .
وتحدثت الدكتورة نوال الحوسني مدير إدارة الاستدامة بشركة مصدر، مدير جائزة زايد لطاقة المستقبل، عن موضوع الاستدامة، اشارت فيه إلى ان عامل التغيير يمثل تهديدا مشتركا ينعكس ذلك عل الشركات والحكومات في الدول لمواجهة التغييرات المناخية.
وقالت ان أي عنصر في الاستراتيجية يشكل عنصرا مهما لمتخذي القرار الذين يرون طبيعة التغيرات المناخية مما يسهم في اعطاء فرصة لافراد المجتمع، وبدونها لا يمكن أن ينجح أي مجتمع في تخطي هذه التغييرات والتقلبات، وبالتالي ينبغي الاهتمام بادراج الاستدامة في الخطط الاستراتيجية لايجاد بيئة للابتكار .
حضر افتتاح القمة الفريق ضاحي خلفان، تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، واللواء الركن خليفة حارب الخييلي وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والاقامة والمنافذ بالانابة، واللواء محمد العوضي المنهالي وكيل الوزارة المساعد للموارد والخدمات المساندة بالانابة، ومروان الصوالح وكيل الوزارة المساعد للخدمات المساندة بوزارة التربية والتعليم، وممثلون عن مكتب رئاسة مجلس الوزراء، ونائب رئيس جمعية التخطيط الاستراتيجية الأمريكية، وقادة الشرطة والمديرون العامون وعدد كبير من الضباط بوزارة الداخلية، وحشد غفير من المدعوين والمهتمين .
وفي ختام الجلسة تم فتح باب النقاش، حيث قام الخبراء المشاركون في الجلسة بالإجابة على اسئلة واستفسارات الحضور.
اعتبر العميد محمد حميد بن دلموج الظاهري، مدير عام الاستراتيجية وتطوير الأداء، القيادة الاستراتيجية بوزارة الداخلية ، والتفكير، والتخطيط، والتنفيذ، مكونات أساسية في غاية الأهمية لقيادة القطاعين العام والخاص في القرن الحادي والعشرين، مشيراً إلى أن القمة الاستراتيجية العالمية تجمع أهم وأبرز الخبرات العالمية في مجالات الاستراتيجية والقيادة والابتكار؛ لتقدم فرصة غير مسبوقة للقيادات في القطاعين الحكومي والخاص للتعلم لمساعدتها في تحمل مسؤولياتها الاستراتيجية .
وقال ان القمة تهدف إلى نقل افضل الممارسات في التخطيط الاستراتيجي من خلال مشاركة نخبة متميزة من رواد وخبراء الاستراتيجية في العالم، ومشاركة محلية واسعة من القطاعين الحكومي والخاص لعرض تجاربها الناجحة في هذا المجال.