الأحد :1/11/2009 :
بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل زايد
سيف بن زايد : عزَّ المصابُ.. فعمَّ العزاء
سنة تلو أخرى، تمر بنا خامُسها اليوم، ولا يطال النسيان لحظة من تلك الذكريات العظيمة التي يحملها وجدان الإماراتيين، لمؤسس وحدتهم وباني نهضتهم وجامع كلمتهم ومحقق عزتهم، فقيد الأمة والبشرية جمعاء، الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان "طيب الله ثراه".
لكنما إذا عز للمصائب الكبرى، في العادة، اية عزاء ، فقد جاد المولى علينا بنعم العزاء، انه الكم الهائل من النبل والخير والحكمة التي فاضت علينا من خير الخلف، سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان - رئيس الدولة "حفظه الله" ، فكان هو الاستمرار الامثل لقيم العزة والرفعة والإباء، ومواصلة البناء، على خطى الآباء، وهكذا يكون العزاء.
إن فيض الخير، لم يترك هذه البلاد بعد أن غيب الثرى بانيها، عرضة للمخاطر أو التراجع والانحدار ، فقد منّ الله علينا ثانية، برجال تربوا في مدرسة سيد الرجال وفخر القادة العظام، بكل ما يمتلكه من فطنة وتشّوف وعزيمة وصبر وتسامح وايمان، فهذا سيدي ولي العهد، خير من يبشر بعقود طويلة من النماء والتحديث والاستمرار .
لقد بنى المغفور له (بإذن الله) بلاداً، أصبحت اليوم حديث العالم وقبلة شعوبه، غير أنه في خضم ملحمة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لم يغفل مطلقا عن البناء الاخلاقي، فأخذ يؤسس لنهج الخير والعطاء وقيم الانسانية والإخاء، وراح يضمد جراح المنكوبين في شتى البقاع ، ويرأب صدع الامة هنا، ويؤلف قلوب الأشقاء هناك، حتى غدا اسم هذه البلاد. صنو التعاضد والتكافل، ومثالا حيا للايدي البيضاء ذات النجدة و العطاء.
وثالث العزاء، أن زايد قد ترك فينا، ما إن تمسكنا به، لن تخذلنا بعده المجريات أو تنال منا المستجدات، إنه الطموح الجامح نحو الاتحاد الدائم الذي له وبه نحيا و نكون. وهو الرغبة الصادقة اليوم في نفوس أبناء وبنات الوطن وعزمهم على المضي قدما نحو المزيد من الرقي والاستقرار.
ورابع العزاء، أن طيف زايد يبقى بيننا ما دام الخير في قلوب هذه الاجيال، المتسلحة بالعلم والوعي والمعرفة، وقيم التحضر والتسامح والانفتاح، المعتزة بإنتمائها، ومنجزات قيادتها، وموروث اجدادها، فهي الهدف الاسمى، والثروة الابقى، التي عمل علي بنائها "طيب الله ثراه" ، إنه باق ٍ دوما، في تلك العيون الساهرة على امن البلاد وخدمة المجتمع، وفي تلك الايدي الماهرة في مواقع العمل والانجاز، وفي حرص كل فتاة وشاب على التفوق والنجاح والتميز والابتكار.. لتبقى راية الوطن خفاقة في شتى بقاع الارض وفي مختلف المجالات.
واخر العزاء ، أن زايد يبقى بيننا، في كل ما تحققه الدولة اليوم من تقدم ورفاه، وفي كل صرح ومرفق حيوي، اتحدت فيه بتناغم ووفاق، مئات الثقافات والاعراق، في المدارس والجامعات، في المصانع والمساجد والحدائق و الطرقات ... في كل منزلٍ تُركَتْ ابوابه مشرعة ، تقر أعين ساكنيه، او متجرٍ عجّ بمن فيه، وفي كل بسمة، تفتر عن شفاه زائر او مقيم، ينعم بيننا بأطيب الاوقات..
في كل ذلك وأكثر منه.. يكمن العزاء.
سيف بن زايد
